اليقين هو جوهر الإيمان وأصله، وزيادته بزيادة الإيمان واضحة جلية، ونذكر هنا بعض ما يزيد به اليقين ويترسخ، وما يرتقي به العبد في منازل اليقين وفي درجات الولاية لله:
بكثرة النظر والبحث فيه، والنظر في شواهده ودلائله الصحيح، وخاصة العلم بالله وأسماءه وصفاته وجماله وجلاله، الذي هو أعظم العلوم وأشرفها وأعلاها وأكثرها تأثيراً في زيادة الإيمان واليقين وذهاب الشك والريبة.
تلاوة، وتدبرا، وعلما، وعلما، قال محمد رشيد رضا: " وَاعْلَمْ أَنَّ قُوَّةَ الدِّينِ وَكَمَالَ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ لَا يَحْصُلَانِ إِلَّا بِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاسْتِمَاعِهِ، مَعَ التَّدَبُّرِ بِنِيَّةِ الِاهْتِدَاءِ بِهِ وَالْعَمَلِ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، فَالْإِيمَانُ الْإِذْعَانِيُّ الصَّحِيحُ: يَزْدَادُ وَيَقْوَى وَيَنْمَى، وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارُهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَتَرْكِ الْمَعَاصِي وَالْفَسَادِ بِقَدْرِ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ، وَيَنْقُصُ وَيَضْعُفُ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ مَنْ تَرَكَ تَدَبُّرَهُ، وَمَا آمَنَ أَكْثَرُ الْعَرَبِ إِلَّا بِسَمَاعِهِ وَفَهْمِهِ، وَلَا فَتَحُوا الْأَقْطَارَ، وَمَصَّرُوا الْأَمْصَارَ، وَاتَّسَعَ عُمْرَانُهُمْ، وَعَظُمَ سُلْطَانُهُمْ، إِلَّا بِتَأْثِيرِ هِدَايَتِه " (تفسير المنار: 9/463)
إذ التفكر في آيات الله الكونية يزيد الإيمان واليقين {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ* وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[الجاثية: 3-4]، وقال عز وجل {َفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: 20]
وما دخل الشك أو الإلحاد في قلب متفكر قط، فالتفكر والتأمل في خلْق الله، يزيد الإيمان واليقين، ويُشعر العبد بعظمة الله ونِعَمه وفضله جل وعلا عليه، وكيف أن هذا الكون معجزٌ مُحكَم ومتقن، فكيف بصفات مَن خلَقه وأوجَده من عدم؟!، فإن أضيف إلى هذا التفكر تدبر لأسماء الله وصفاته أورث القلب يقيناً كبيراً راسخاً، وشعوراً بمعية الله.
عبر الصبر في فعل المأمور، واجتناب المنهي عنه، حتى تتزكى النفس، وتتخلص من حظوظها ويسلم القلب ويصفو ويزداد الإيمان حتى يبلغ مرتبة اليقين، ولذا ارتبط الصبر باليقين وأرتبط بعدم اليقين الاستخفاف والتقلب والريبة والشك (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) [الروم: 60].
كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول: «سلوا الله اليقين والمعافاة... »(رواه البخارى) وكان من دعائه e: «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا... » (رواه الترمذي)، فيحتاج العبد إلى الإستعانة بربه والتضرع لله أن يملء قلبه باليقين وروحه وطمأنينته .