لكن ما هو موقف الأديان من هذه القضية الخطيرة "الإيمان بالآخرة" وإلى أي حد شغلت هذه القضية أصحاب الأديان المختلفة؟
ولبيان صدق الإسلام وحفظ الله لهذا الدين نستعرض في الصفحات التالية موقف الديانات الأرضية من "الإيمان بالآخرة" ونتبع ذلك بموقف الديانات اليهودية والمسيحية كذلك.
اليوم الآخر في الأديان الصينية
تعددت الأديان التي يؤمن بها الصينية من ديانات شعبية لفلسفات أخذت شكل الدين
الإحيائية الأرواحية: هي الاعتقاد بوجود الأرواح وأن أي نظام حي أو كائن أو حتى المواد الجامدة أحياناً تمتلك نوعاً من الروح مثل الحجارة، والنباتات، وكذلك في الظواهر الطبيعية مثل الرعد.
إن الأرواحية لا تؤمن بالحياة الخالدة ذات النعيم الأبديّ أواللعنة الأبدية. وفي وجهة نظرها ليس هناك من جحيم ملتهب كذلك لا يؤمنون بيوم القيامة والحساب.
الشامانية: دين بدائي يتميز بالاعتقاد بوجود عالم محجوب هو عالم الآلهة والشياطين وأرواح السلف. وان هذا العالم لا يستجيب الاّ للشامان وهو كاهن يستخدم السحر لمعالجة المرضى ولكشف المخبأ والسيطرة على الأحداث ولم تتطرق هذه الديانة للعالم الآخر
الشنتوية: ليس لعقيدة التوحيد مكان في الشنتوية، فبسبب تعدد المظاهر التي يمكن أن تتجلى فيها القوى الإلهية، ويمكن لأي شخص أن يعين آلهته الخاصة. لا يوجد في الشنتوية حياة بعد الموت، يعتبر جسد الشخص الميت شيئا مدنسا، تنطلق روح الميت، بعد أن تتحرر من جسدها المادي فتندمج مع قوى الطبيعة.
طاوية: شكل آخر من أشكال التضحية هو حرق ورق الجوس، بافتراض أن الصور التي تحترق ستظهر مرة أخرى -ولكن ليس كصورة مجردة، بل كعنصر حقيقي- في عالم الأرواح، مما يجعل الأجداد والأحباء الذين غادروا متاحين مجدداً.
وتتمثل المؤشرات غير المرئية في أرواح الأجداد، ضامنة استمرارية حياة القبيلة أو العشيرة المنتمية إليهم، وفي أرواح الموتى بصفة عامة، وفي الطلاسم والتعاويذ التي يصنعها الكهان، زاعمين أنها ذات فعالية عالية لمقدرتها على تغيير مجاري الأمور الطبيعية، وخلق الظروف الحسنة أو السيئة.[3]
فأساس فكرة عبادة أرواح الأسلاف ـ التي يُعتقد أنها وسيطة بين الأحياء والآلهة وأنها شفيعة ـ هو أن الحياة على الأرض لا تتوقف بمفارقة الروح للجسم، بل هي استمرار سرمدي للفعالية والحيوية، إذ ليس الموت حدثًا يسبب قطع الصلاة بين الأحياء والأموات، إنما هو غفوة وارتخاء من جراء ضعضعة في القوة الحيوية
اليوم الآخر في الديانة الهندوسية
تظهر معتقداتهم في " الكارما "، وتناسخ الأرواح، والانطلاق، ووحدة الوجود:
1- " الكارما ": قانون الجزاء، أي أن نظام الكون إلهي قائم على العدل المحض، هذا العدل الذي سيقع لا محالة، إما في الحياة الحاضرة، أو في الحياة القادمة، وجزاء حياةٍ يكون في حياة أخرى، والأرض هي دار الابتلاء، كما أنها دار الجزاء والثواب.
2- تناسخ الأرواح: إذا مات الإنسان يفنى منه الجسد، وتنطلق منه الروح لتتقمص وتحل في جسد آخر بحسب ما قدم من عمل في حياته الأولى، وتبدأ الروح في ذلك دورة جديدة.
3- الانطلاق: صالح الأعمال وفاسدها ينتج عنه حياة جديدة متكررة لتثاب فيها الروح أو لتعاقب على حسب ما قدمت في الدورة السابقة.
- من لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الأهواء، واطمأنت نفسه، فإنه لا يعاد إلى حواسه، بل تنطلق روحه لتتحد بالبراهما.
ـ الكونفوشيوسية خلت تقريبًا من التطرق إلى مسائل الميتافيزيقا الكبرى كبداية الخلق والآخرة وعالم الغيب، يمكننا أن نرى بوضوح أن الكونفوشيوسية كانت بالأساس ومنذ البداية هي مدرسة فلسفية في الأخلاق والاجتماع والسياسة قبل أي شيء آخر، إلا أنها تم التعامل معها مع مرور الوقت كمذهب ديني
وهم لا يعتقدون بالجنة والنار ولا يعتقدون بالبعث أصلاً، إذ إنّ همَّهم منصبّ على إصلاح الحياة الدنيا، ولا يسألون عن مصير الأرواح بعد خروجها من الأجساد.
اليوم الآخر في الديانة البوذية
تدور الحياة بجميع أشكالها من الموت وإعادة البعث، في الديانة البوذية، في دورة متتابعة تُدعى "السامسارا"، تقضي بأنه عندما يموت الشخص تنتقل طاقته إلى شكلٍ آخر، ويؤمن البوذيون كذلك بمفهوم "الكارما"، فمن خلال الأعمال الحسنة مثل اتباع السلوك الأخلاقي، وإنماء الحكمة، يسعى البوذيون لضمان مستقبل أفضل لأنفسهم.
بناءً على الأعمال التي قام بها البوذي في حياته السابقة تكون الولادة الجديدة، فيبعث على هيئة إنسان، أو حيوان، أو شبح، أو نصف إله، أو إله، ومع هذا توجد طريقة للإفلات من هذه الدائرة، إذ يلزم المرء أن يصل لحالة "التنوير"، أو "النيرفانا"، والتي تعني السكينة؛ لتتمكَّن روحه من الخروج من دورة "السامسارا" تلك.
اليوم الآخر في الديانة اليهودية
يعتبر البعث ويوم القيامة عنصراً أساسيا في الديانة اليهودية. وبالرغم من أن هذه المفاهيم غير مبينة في التوراة، فإنها بالتأكيد جزء كامل من التلمود. لكن لا تركز اليهودية على الجنة وجهنم فعلى سبيل المثال، إن وصف جهنم ليس مفصلا في الديانة اليهودية لكنها تعتبر مكانا بإمكان المرء أن يكفر فيه عن ذنوبه. وحسب التقليد اليهودي فإن الأشرار سيذهبون إلى جهنم ويكفرون عن سيئاتهم هناك وسيخرجون منها بعد سنة من العذاب.(ذرية إبراهيم..روبن فايرستون)وهذا ما حكاه عنهم القرآن (وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُون) [البقرة: 80]
وزعموا أن الجنة لهم وحدهم، وكذَّبهم الله بذلك قال عزَّ وجلَّ: (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [البقرة: 111]
هذا ما حكاه الله عزَّ وجلَّ عن صالحيهم وفاسقيهم من ناحية الإيمان بالبعث والجنة والنار.
والحياة الأخرة تبدو مشوشة عند اليهود فمن ذلك صورة غير واضحة وردت في (سفر دانيال) (12/2) وهو قولهم: (وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون هؤلاء إلى الحياة الأبدية، وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي).
اليوم الآخر في الديانة المسيحية
تؤمن المسيحية وبالجنة والنار ومكان بينهم اسمه المطهر وهو مرحلة مؤقتة للتكفير عن الخطايا وبعض اللاهوتيين في العصور الحديثة تعتبر أن الجنة والنار رموز مجازية وليست حقيقية ومعظم الفرق تشترط للنجاة الأعمال الصالحة ولا تكتفي بالإيمان فقط ويرى عدد من اللاهوتيين أن خلاص غير المؤمنين بأعمالهم الصالحة وارد لكنه لا يشمل الملاحدة ومن يضطهد المسيحيين وتشترط المسيحية الإيمان بالمسيح حتى ينال الإنسان الخلاص وعدمه يؤدي للدينونة بحسب المصطلح الخاص بهم.
وفي الصفحات القادمة سنتحدث بالتفصيل من موقف الإسلام من الحياة الآخرة.