كيف ننجو من عذاب القبر؟ كيف نجتاز الاختبار الأول؟ كيف نسعى للبحث عن الأمن بعد الموت بل الراحة والسعادة والتطلع لقيام الساعة؟
كيف يكون مصيرنا السعادة في أول منازل الآخرة إنه لأمر خطير ينبغي التفكير فيه بعمق حتى نستطيع النجاة فعن هانئ مولى عثمان بن عفان قال: كان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته فيقال له: قد تَذكر الجنَّةَ والنَّار فلا تبكي وتبكي مِن هذا؟ فيقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ» (رواه الترمذي وابن ماجه)
ولذلك فزيارة القبور سنة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وفعلها، فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا) رواه مسلم، وفي لفظ عند الترمذي: فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ
إذن فلتكن الخطوة الأولى هي التفكر والتذكر والانتباه
إذا كان القبر أول منازل الآخرة حيث لقاء الله تعالى فمن كان يرجو هذا اللقاء فعليه بالإخلاص والعمل الصالح (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)[الكهف110]
الإخلاص الذي يجعل الميت يستطيع الإجابة على أسئلة البرزخ الثلاثة..من دينك؟..من ربك؟..من رسولك؟
والعمل الصالح الذي يطابق السنة هو مفتاح النجاة عند الموت وفي البرزخ ويوم الحشر
مهما عملنا من عمل صالح واجتهدنا في ذلك لابد لنا من رحمة الله تعالى وتوفيقه وإلا فإن مطبات الإنسان النفسية لا تنتهي وجهده وإن علا فهو قليل لذلك لابد من تكثيف الدعاء والاستعاذة من عذاب القبر فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» رواه البخاري قال ابن حجر: "قوله: «ومن فتنة القبر»: هي سؤال الملكين"
فقد ورد عنه صلَّى الله عليه وسلَّم؛ أنه قال: (كلُّ ميتٍ يُختَم على عمله، إلاَّ الذي مات مُرابِطًا في سبيل الله، فإنه يُنمَى له عملُه إلى يوم القيامة، ويَأمَن فتنةَ القبر)؛ أخرجه الترمذي وأبو داود
فعن المقدام بن معديكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (لِلشهيدِ عند الله ستُّ خصال: يغفر له في أوَّل دفعة مِن دمه، ويرى مقعده مِن الجَنَّة، ويُجَار مِن عذاب القبر، ويأمن مِن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاجُ الوقار؛ الياقوتة منه خيرٌ مِن الدنيا وما فيها، ويُزَوَّج اثنتين وسبعين زوجة مِن الحور العين، ويشفع في سبعين مِن أقاربه)؛ أخرجه الترمذي