الإخلاص هو جنة المخلصين، وروح المتقين، وسر بين العبد وربه، وهو قاطع الوساوس والرياء، وهو أن تقصد بعملك الله فلا تتوجه لسواه، ولا ينعقد في قلبك طلب غيره ولا تلتمس ثناءً ولا مدحًا من الناس، ولا تنتظر الجزاء إلا منه سبحانه.
كان أيوب السختياني يقوم الليل كله، فيخفي ذلك، فإذا كان عند الصبح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة.والإخلاص هو كمال العمل وحسنه، وهو أعزّ شيء في الدنيا، وهو إفراد الله بالقصد في الطاعة، وهو نسيان رؤية الخلق بدوام مراقبة الله جل وعز؛ فما كان لله فيجزي به الله الكريم، وما كان لما سواه يذهب هباء منثورًا، قال ﷺ: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه” (رواه البخاري).
للإخلاص في الدين مكانة سامية لا توازيها مكانة؛ فلا يقبل العمل إلا بالإخلاص، وقد ذكّرنا الله جل وعز بالإخلاص في القرآن الكريم في آيات كثيرة، منها قوله تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } [البينة: 5] وقال جل وعز { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ١٦٢ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } [الأنعام: 162 - 163] ، وقال جل وعز { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } [الملك: 2] وقال أيضًا {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ٢ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } [الزمر:2 - 3] ، وقال { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [الكهف: 110]