عند سماع قصص الخائفين يستلهم المسلم العبرة ويتعلم كيف يخاف الله ويخشاه بلا قنوط من رحمة الله ولذا جاء في وصف الله لرسله وملائكته بأنهم يخافون الله ويخشونه ويرهبونه، ولذا ذكر خير البشر صلى الله عليه وسلم أنه أشد الناس خشية لله:
قال صلى الله عليه وسلم : ( إني أعلمكم بالله وأشدكم له خشية ) ، وفي لفظ آخر : ( إني أخوفكم لله وأعلمكم بما أتقي) (رواه مسلم) ، وكان يصلي صلى الله عليه وسلم ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء (رواه أبو داود والنسائي ، وصححه الألباني)، تروي السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قطُّ مستجمعًا ضاحكًا حتى أرى لَهَوَاتِهِ، إنما كان يبتسَّم، وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عُرف ذلك في وجهه، فقلتُ: يا رسول الله: الناسُ إذا رأوا الغيمَ فرحوا رجاءَ أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيتَه عُرفتِ الكراهةُ في وجهكَ. فقال: "يا عائشة، ما يُؤمنُني أن يكون فيه عذاب؟ قد عُذِّبَ قومٌ بالريح، وقد رأى قومٌ العذابَ فقالوا: هذا عارضٌ مُمْطِرُنا"[رواه البخاري]
قال تعالى: ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ) (الأنبياء:90)، وقال: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) (الأحزاب: 39)
يقول تعالى: { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [النحل: 50]، وأنه إذا قَضَى اللَّهُ الأمْرَ في السَّماءِ، ضَرَبَتِ المَلائِكَةُ بأَجْنِحَتِها خُضْعانًا لِقَوْلِهِ، كالسِّلْسِلَةِ علَى صَفْوانٍ - قالَ عَلِيٌّ: وقالَ غَيْرُهُ: صَفْوانٍ يَنْفُذُهُمْ ذلكَ - فإذا فُزِّعَ عن قُلُوبِهِمْ، قالوا: ماذا قالَ رَبُّكُمْ، قالُوا لِلَّذِي قالَ: الحَقَّ، وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ[رواه البخاري]
وعنِ ابنِ عبَّاسٍ في قولِهِ تعالى {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} ]سبأ:23]قالَ لمَّا أوحى الجبَّارُ جلَّ جلالُهُ إلى محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ دعا الرَّسولَ منَ الملائِكَةِ ليبعثَهُ بالوحيِ فسمعتِ الملائِكَةُ صوتَ الجبَّارِ يتَكَلَّمُ بالوحيِ فلمَّا كُشفَ عن قلوبِهِم فسألوهُ عمَّا قالَ اللَّهُ تعالى قالوا الحقَّ علموا أنَّ اللَّهَ تعالى لا يقولُ إلَّا حقًّا وأنَّهُ مُنجزٌ ما وعدَ قالَ ابنُ عبَّاسٍ وصوتُ الوحيِ كصوتِ الحديدِ على الصَّفا فلمَّا سمعوهُ خرُّوا سجَّدًا فلمَّا رفعوا رءوسَهُم قالوا ماذا قالَ ربُّكم قالوا الحقَّ هوَ العليُّ الكبيرُ.