القلب هو المضغة التي في الصدر كما قال النبي:"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله" وكما في حادثة شق صدره الشريف "أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ لَأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ..." قَالَ أَنَسٌ: وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ. (رواه مسلم وللبخاري)
وفي القلب العقل والفهم والإدراك والتصور، يقول الله {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46]
ولا يمنع ما سبق من أن يكون للقلب اتصال بالدماغ الذي يرسل الإشارات إلى الحواس لتعمل، كما لا يمنع أن يكون مرتبط بالمضغة تعلق معنوي يلقى على القلب كما أن للبصر البصيرة.
تظهر أهمية القلب عند الله في كونه:
يقول النبي: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم"(رواه مسلم)
قال e "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله"
لذا ذم الله خبثاء القلوب فقال: {أُولِئك الّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ في الدُّنيا خِزْيٌ وَلَهُمْ في الآخِرَةِ عَذابٌ عَظيْمٌ } [ المائدة: 41 ]
{ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنوْنٌ * إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَليْمٍ }]الشعراء: 88-89 [.، قال ابن القيم (والقلب السليم هو الذى سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرياسة، فسلم من كل آفة تبعده من الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطعه عن الله)
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37]، ويقول الله: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46]، فأصحاب القلوب المؤمنة وحدهم ينتفعون بالحكمة، لأن قلوبهم مبصرة؛ نعم ففي القلب العقل والفهم والإدراك والتصور ثم بعده تأتي الجوارح.
إن للقلب كسبًا ككسب الجوارح وعملًا كعملها، والله سبحانه أعلن أنه يؤاخذ على كسب القلب ثوابا وعقابا، فقال سبحانه: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}[ البقرة: 225 ].
وأما في الآخرة فإن الله تعالى يقول: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات: 9،10]، ويقول جل شأنه: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9]
يقول ابن القيم: من علامة توفيق الله للعبد أن يوفقه الى اصلاح سريته ويشغله بإصلاح باطنه وتطهيره من الآفات: كالحسد والرياء والعجب والكبر والحرص على الشهرة والظهور وغيرها..
ويقول: ان الكبيرة قد يقترن به من الحياء والخوف والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر..
وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر..
وهذا أمر مرجعه الى القلب..!
يقول الرسول e: "أحب العباد الى الله الأتقياء الأخفياء، الذين اذا غابوا لم يفتقدوا، و اذا شهدوا لم يعرفوا، أولئك هم أئمة الهدى و مصابيح العلم" (رواه الحاكم بإسناد صحيح). فهؤلاء لم يعبدوا الله رياء للناس بل تخفوا طلبا للإخلاص وحرصوا على إخفاء أعمالهم