مراحل رحلة الآخرة - حياة البرزخ والقبر
إذا كان الموت حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد سواء كان مؤمنا أو كافرا فهو النتيجة الحتمية لكل إنسان فإن كل مراحل رحلة الآخرة - حياة البرزخ والقبر ما بعد الموت هو من الأمور الغيبية التي لا سبيل لمعرفتها إلا عن طريق الوحي الإلهي فالأمر لا يمكن إخضاعه للتجارب العلمية فلم ولن يعود أحدهم من الموت ليحكي لنا عما عايشه منذ قبض ملك الموت روحه وبعد أن ودعه أهله وتركوه في ذلك المكان الموحش المظلم الضيق والسبيل الوحيد لذلك هو الإيمان بالغيب ومنه ما ورد من حياة البرزخ وما فيها من نعيم وسعادة أو شقاء وبؤس على أن التفكير العقلي لا يعارض بحال وجود حياة من نوع خاص في البرزخ فالنائم الساكن الذي ينفصل عن عقله الواعي عندما ينام يرى أحلاما ورؤى قد تكون سعيدة مبهجة جميلة وقد تكون مفزعة مرعبة مؤلمة والنائم يشعر أن كل ما يمر به حقيقي لا يشك لحظة في ذلك..بل يمكننا القول انه بالفعل حقيقي فهو سعيد منعم أو متألم حزين حتى أن البعض يستيقظ هو يلهث ويحتاج بعض الوقت حتى يتقن أنه لم يكن إلا حلما أو كما جاء في الحديث (واللَّهِ لتَموتُنَّ كما تَنامونَ، ولتُبعثنَّ كما تستيقِظونَ، ولتحاسَبُنَّ بما تعمَلونَ
و(البرزخ في اللغة هو الحاجز بين الشيئين، وكل حاجز بين شيئين فهو برزخ، يقول تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ. بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن:19-20]
، ويطلق البرزخ على الحياة التي تعقب موت الإنسان، والفترة التي يقضيها بين خروجه من الدنيا ودخوله في الآخرة. يقول تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 99-100]
، وفسر العلماء البرزخ هنا بأنه: "الحاجز بين الموت والبعث أو بين الدنيا والآخرة من وقت الموت إلى البعث"، فمن مات فقد دخل في البرزخ، وقال رجل بحضرة الشعبي: "رحم الله فلاناً فقد صار من أهل الآخرة، فقال: لم يصر من أهل الآخرة، ولكنه صار من أهل البرزخ، وليس من الدنيا ولا من الآخرة
واتفق أهل السنة والجماعة على أن كل إنسان يسأل بعد موته قبر أم لم يقبر، حتى لو تمزقت أعضاؤه، أو أكلته السباع، أو أحرق، أو سحق، حتى صار رماداً ونسف في الهواء، أو غرق في البحر، فلا بد أن يسأل عن أعماله، وأن يجازى بالخير خيراً وبالشر شراً، فقد ورد في كثير من الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خلاصته، أن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، تعاد روحه في جسده ويسمع قرع نعالهم، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ وما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فأما المؤمن فيجيب بقوله: ربي الله، وديني الإسلام، والرجل المبعوث فينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول الملكان: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً في الجنة فيراهما جميعاً، وأما المنافق والكافر فيقول: لا أدري فيقولان له: لا دريت ولا تليت، ثم يصيبه ما قدر له من العذاب. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن ميت وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل» رواه أبو داود وقد ورد اسم الملكين فيما يلي: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قبر الميت أو الإنسان أتاه ملكان أسودان أزرقان، يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير..».رواه الترمذي) (مصطفي مسلم فتحي الزغبي حياة البرزخ..مقال منشور في موقع طريق الإسلام بتصرف يسير