وهي اصل الإيمان، ومحبة كل ما يتفرع عنه، من محبة الرسول e ومحبة ما يحبه الله ومحبة الإيمان وطاعة الله ورسوله، وهو ما فصلناه فيما سبق وذكرنا أدلة وجوبه وفرضه وسيأت زيادة إيضاح له.
يقول الله: { زيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }[آل عمران: 14].
منها ما هو شرك: وهو أن تحب من دون الله شيئاً كما يحب الله تعالى فهو قد اتخذ نداً وهذا شرك المحبة فالمحبة مع الله أصل الشرك.
ومنها ما هو محرّم دون الشرك: وذلك بأن يحب أهله أو ماله أو عشيرته وتجارته ومسكنه فيؤثرها أو بعضها على فعل ما أوجبه الله عليه من الأعمال كالهجرة والجهاد ونحو ذلك
وهي ما يقدح في أصل التوحيد وهو شرك، كمحبة المشركين لأصنامهم وأندادهم كما قال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)} [البقرة: 165].
من النساء والبنين، والذهب والفضة، والخيل، يقول الله: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]
يقول الله في النهي عن موالاة من يغضب الله: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: 28]
ويقول سبحانه في النهي عن اتباع الهوى في الدنيا: { فَأَمَّا مَنْ طَغَى* وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 37-39]
ويقول في عاقبة اتباع الهوى: { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَايَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}[الجاثية:18-19]
كتسميات محبة الله بالعشق ومجاوزة الشرع للبدع في ذلك. [ابن القيم- مدارج السالكين] ونرى من أحوال بعض المتصوفة مثالا جليا لهذا الشطط في ادعاء المحبة، بأعمال منافية لشرع الله بل وتجافي العقيدة ذاتها، من مثل ما يجري في الموالد التي تدعي حب آل البيت ثم يجري فيها أدعية ورقصات وأوراد لا علاقة لها بالسنة النبوية، بل وتدعي ولاية للبشر وصفات خارقة ما أنزل الله بها من سلطان؛ فهذا قطب وهذا مرفوع عنه الحجب.
ومن تلك الدرجة أيضا جاءت مدارس الحلول والاتحاد التي اشتطت لحد تخيل التماهي بين ذات العبد وذات الخالق والعياذ بالله، فهذه من علامات الشطط والغلو ونكران العقيدة وعدم فهمها.
وقد امتحنهم الله بقول ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ( آل عمران: 31)، فإن كنتم صادقون في محبة الله فاتبعوا رسوله ولا تفعلوا ما يعارض ما جاء به رسوله e